تواصل دولة الإمارات تعزيز موقعها كمركز إقليمي وعالمي رائد في مجال التكنولوجيا المالية “الفنتك”؛ مدفوعة برؤية استشرافية وسياسات تنظيمية مرنة تدعم الابتكار.
تشير التوقعات إلى نمو متسارع لقطاع التكنولوجيا المالية خلال السنوات المقبلة، يعكس ثقة المستثمرين وتوسع البيئة التشريعية.
التكنولوجيا المالية
وبحسب تقرير حديث صادر عن شركة “موردور إنتلجينس” للأبحاث، يُتوقع أن يسجل سوق التكنولوجيا في الإمارات معدل نمو سنوي مركب يبلغ 12.56% خلال الفترة من 2025 إلى 2030، ليرتفع حجمه من 3.56 مليارات دولار (نحو 13 مليار درهم) إلى 6.43 مليارات دولار (23.6 مليار درهم).
التكنولوجيا المالية .. المبادرات الحكومية
شهد القطاع خلال الأعوام الأخيرة تطوراً لافتاً مدفوعاً بالمبادرات الحكومية، والتحول نحو بيئة تشريعية داعمة، وزيادة الاستثمارات ونشاط الشركات الناشئة المتخصصة في هذا المجال الحيوي؛ ما جعل الإمارات في طليعة الدول التي تقود التحول الرقمي في القطاع المالي على مستوى المنطقة.
اتخذت الدولة خطوات استباقية لتأسيس بنية تنظيمية واضحة، فقد أرست كل من أبوظبي ودبي أطراً تنظيمية متقدمة عبر هيئات مختصة مثل هيئة تنظيم الأصول الافتراضية في دبي، وسلطة دبي للخدمات المالية في مركز دبي المالي العالمي، وسلطة تنظيم الخدمات المالية في سوق أبوظبي العالمي (ADGM).
مبادرات فينتك هايف
كما لعبت مبادرات مثل “فينتك هايف” في مركز دبي المالي العالمي، ومختبر تنظيمها في سوق أبوظبي العالمي، دوراً محورياً في تعزيز نمو وتوسّع هذا القطاع الواعد.
تكنولوجيا المعلومات المالية (Fintech) هي مصطلح شامل يصف استخدام التكنولوجيا لتقديم وتحسين الخدمات المالية. إنها صناعة سريعة التطور تسعى إلى منافسة الأساليب المالية التقليدية من خلال تقديم حلول مبتكرة وأكثر كفاءة وراحة للمستهلكين والشركات.
تاريخ موجز:
على الرغم من أن استخدام التكنولوجيا في المجال المالي له جذور تاريخية عميقة، إلا أن مصطلح “التكنولوجيا المالية” ظهر في أواخر القرن العشرين واكتسب شعبية واسعة في التسعينيات. يمكن تتبع المراحل الرئيسية لتطورها على النحو التالي:
- الفترة المبكرة (1866-1967): تميزت هذه الفترة بإنشاء البنية التحتية للاتصالات مثل الكابلات عبر الأطلسي، مما أتاح نقل المعلومات المالية عبر الحدود. كما شهدت هذه الفترة ظهور أول نظام للتحويل الإلكتروني للأموال.
- التطور التكنولوجي للخدمات المالية (1967-2008): شهدت هذه الفترة تحولًا كبيرًا من الأنظمة التناظرية إلى الرقمية في القطاع المالي. ظهرت أجهزة الصراف الآلي (ATMs)، وبورصة ناسداك كأول سوق للأوراق المالية الإلكترونية، ونظام سويفت للاتصالات المالية بين البنوك.
- التكنولوجيا الحديثة (2008 حتى الآن): أدت الأزمة المالية العالمية عام 2008، جنبًا إلى جنب مع التوسع الكبير في الرقمنة، إلى ظهور صناعتها كما نعرفها اليوم. شهدت هذه الفترة ظهور العملات الرقمية مثل بيتكوين، ونماذج الأعمال المبتكرة في مجال الإقراض الرقمي، والمحافظ الإلكترونية، وغيرها.
أنواع التكنولوجيا المالية:
تشمل مجموعة واسعة من التطبيقات والخدمات، من أبرزها:
- المدفوعات: تسهيل التحويلات المالية والمعاملات عبر الإنترنت والهواتف المحمولة (مثل PayPal، Apple Pay).
- الإقراض: منصات الإقراض الرقمي التي تربط المقرضين بالمقترضين مباشرة.
- إدارة الثروات: تطبيقات ومنصات تساعد الأفراد على إدارة استثماراتهم وتخطيطهم المالي (مثل المستشارين الآليين).
- الخدمات المصرفية الرقمية (Neobanks): بنوك تعمل عبر الإنترنت بشكل كامل وتقدم خدمات مصرفية تقليدية برسوم أقل وتجربة مستخدم أفضل.
- التكنولوجيا التنظيمية (RegTech): حلول تقنية تساعد المؤسسات المالية على الامتثال للوائح والقوانين.
- تكنولوجيا التأمين (Insurtech): استخدام التكنولوجيا لتبسيط وتحسين عمليات التأمين.
- العملات المشفرة وتقنية البلوك تشين: عملات رقمية تعتمد على تقنية دفتر الأستاذ الموزع لضمان الأمان والشفافية.
- التمويل الجماعي: منصات تتيح للأفراد والشركات جمع الأموال من عدد كبير من الأشخاص عبر الإنترنت.
تأثير التكنولوجيا المالية:
أحدثت تأثيرًا كبيرًا على القطاع المالي، بما في ذلك:
- زيادة الشمول المالي: توفير خدمات مالية ميسورة التكلفة وسهلة الوصول إلى الأشخاص الذين لا يملكون حسابات بنكية تقليدية.
- تعزيز الكفاءة: أتمتة العمليات وتقليل التكاليف وتحسين سرعة المعاملات.
- تحسين تجربة العملاء: تقديم خدمات مالية أكثر تخصيصًا وراحة وسهولة في الاستخدام.
- تشجيع الابتكار والمنافسة: دخول شركات جديدة إلى السوق وتقديم حلول مالية مبتكرة.
- إدارة المخاطر: استخدام التكنولوجيا في الكشف عن الاحتيال ومنعه وتقييم المخاطر بشكل أفضل.
باختصار، تعتبر قوة تحويلية في الصناعة المالية، وتستمر في التطور بوتيرة سريعة، مما يخلق فرصًا وتحديات جديدة للمستهلكين والشركات والمؤسسات المالية على حد سواء.
إقرأ أيضا: مصر تستعد لمرحلة جديدة في التحول الرقمي بعد إطلاق الجيل الخامس.. تفاصيل