قفزت أسعار العقارات السكنية في مصر إلى مستويات غير مسبوقة خلال الفترة الحالية، بدعم من الطلب الكبير الذي شهدته السوق خلال العامين الماضي والسابق مع زيادة الاتجاه إلى التحوط من تأثير التضخم و تذبذب سعر الصرف.
وقال متخصصون في التسويق العقاري إن سعر المتر السكني وصل إلى 200 ألف جنيه حاليا في بعض المناطق والأحياء الجديدة سواء في مدينة القاهرة أو الساحل الشمالي.
وذكر متعاملون بالسوق العقاري، أن في الربع الأول من 2025 وحده، ارتفعت أسعار الوحدات السكنية بنسبة 20% مقارنة بمستويات أسعار الربع الأخير من العام الماضي، مدفوعة بتغيرات سعر الصرف، وارتفاع تكلفة البناء وندرة المعروض من الأراضي.
العقارات والمتغيرات الاقتصادية
ورغم المتغيرات الاقتصادية الحالية والتحديات بالقطاع العقاري، حقق السوق طفرة في المبيعات بلغت نحو 290 مليار جنيه لأكبر 10 شركات تطوير عقاري في مصر خلال الربع الأول من عام 2025، مقارنة بـ235 مليار جنيه في نفس الفترة من 2024، مسجلة نموًا بنسبة 23% ، بحسب تقرير ذا بورد كونسالتينغ للاستشارات.
وأوضح التقرير أنه تم بيع إجمالي 18.5 ألف وحدة خلال الربع الأول من العام الحالي، بمتوسط سعر بلغ 15.7 مليون جنيه للوحدة بارتفاع 25% عن نفس الفترة من العام الماضي، في إشارة على استمرار موجة ارتفاع الأسعار خاصة، في الشريحة فوق المتوسطة والفاخرة.
عقارات التجمع والساحل
سجلت أسعار العقارات السكنية في منطقتي التجمع الخامس والساحل الشمالي أعلى متوسطات سعرية خلال العام الجاري مقارنة بباقي المناطق، في ظل استمرار الطلب القوي والطروحات الجديدة.
وفي شرق القاهرة، تراوحت أسعار المتر السكني بين 60 ألف إلى 200 ألف جنيه، فيما سجلت منطقة التجمع السادس – التي تُعد من أحدث المجتمعات العمرانية وتشهد نشاطًا متصاعدًا – متوسطات سعرية تتراوح بين 120 و160 ألف جنيه للمتر المربع ، بزيادة تقدر بـ نحو 18% خلال أول أربعة أشهر من عام 2024.
أما في غرب القاهرة، فتتراوح الأسعار بين 50 ألف و170 ألف جنيه للمتر، وفقًا لعبد الرحمن أبو زيد، مدير المبيعات بشركة “بولد رووتس” للتسويق العقاري.
وفي الساحل الشمالي، أوضح أبوزيد أن سعر المتر يبدأ من 70 ألف جنيه وتصل إلى 200 جنيها، مدفوعة بزيادة الطروحات العقارية هذا العام، خاصة بعد الإعلان عن صفقة تطوير رأس الحكمة، ما ساهم في رفع الأسعار بنحو 20% بين يناير وأبريل 2024.وبلغت أسعار إعادة البيع لبعض الوحدات الفاخرة في الساحل الشمالي ما بين 800 مليون جنيه ومليار جنيه للوحدة الواحدة.
وقال عضو مجلس إدارة جمعية مطوري القاهرة الجديدة، ورئيس مجلس إدارة شركة منصات للتطوير العقاري وشركة الأشراف للتطوير العقاري، أحمد أمين مسعود، أن منطقة العبور-إحدى المناطق الصاعدة شرق القاهرة- شهدت قفزة سعرية، حيث ارتفع سعر المتر من 7 آلاف جنيه في عام 2023 إلى 35 ألف جنيه في العام الماضي.
عقارات العاصمة الإدارية
أما العاصمة الإدارية الجديدة، فقد تراوحت أسعار المتر السكني بها ما بين 50 ألف إلى 70 ألف جنيه، وفقًا لمصطفى حسب الله، شريك أعمال بشركة “تسكين” التابعة لمجموعة ناوي المتخصصة في التكنولوجيا العقارية.
وأشار حسب الله إلى أن الزيادة الكبيرة في الأسعار بالعاصمة خلال النصف الأول من 2024 تراوحت بين 40% و70%، اعتمادًا على حجم المشروع، ونسب التنفيذ، وسمعة المطور، وجاءت هذه القفزة مدفوعة بارتفاع سعر الدولار مطلع العام، التي دفعت المطورين إلى تسعير مرتفع للوحدات، لكن مع استقرار سعر الصرف عقب قرار تحرير الجنيه في مارس 2024، لجأ العديد من المطورين إلى تثبيت الأسعار لبضعة أشهر، ومع ذلك، شهد النصف الثاني من العام زيادات جديدة، ولكن بوتيرة أبطأ، تراوحت بين 15% و30%.
تغيرات اقتصادية أدت للزيادة
أوضح حسب الله أن التوترات الجيوسياسية في المنطقة كان لها تأثير مباشر على سعر الصرف في مصر و تزامن ذلك مع تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين من جنسيات متعددة إلى السوق المصرية، مما ساهم في زيادة الطلب على السكن، خاصة في المدن الكبرى والمجتمعات العمرانية الجديدة، وبالتالي دفع الأسعار إلى الارتفاع.
وأشار حسب الله إلى أن الانخفاض في قيمة الجنيه المصري خلال العام الماضي كان من أبرز العوامل المحركة لموجة ارتفاع الأسعار، حيث اتجه الكثير من المواطنين والمستثمرين إلى العقار كملاذ آمن للحفاظ على قيمة أموالهم، وهو ما عزز الطلب ودفع الأسعار إلى مستويات قياسية لم تتراجع بعد.
وفي السياق ذاته، أكد أيمن سامي، مدير مكتب “جي إل إل” في مصر، أن أسعار بيع الوحدات العقارية في مصر خلال عام 2024 سجلت زيادات كبيرة تراوحت بين 112% و116% مقارنة بعام 2023، وذلك باختلاف المناطق.
سعر مبالغ فيه
في المقابل، قال الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة “تطوير مصر”، الدكتور أحمد شلبي، أن أسعار العقارات السكنية في مصر لا تشهد مبالغة وإنما تعكس زيادات حقيقية مرتبطة بارتفاع تكاليف البناء وأسعار الأراضي.
وأوضح شلبي أن سوق العقارات شهد خلال عام 2024 زيادات في الأسعار تراوحت بين 70% و100%، نتيجة مباشرة لتحرير سعر الصرف في مارس 2024، مؤكدًا أن القرار أدى إلى ارتفاع فوري في تكاليف الإنشاء، وهو ما انعكس سريعًا على الأسعار المطروحة في السوق.
إقرأ أيضا: «الجار للتطوير» تطلق مشروعها الجديد Aljar British District بالشراكة مع شركة NHMC البريطانية