بدأ حجاج بيت الله الحرام بالتوافد منذ صباح اليوم الأربعاء الثامن من شهر ذي الحجة 1446 هـ إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية، تقربًالله تعالى، راجين منه القبول والمغفرة، متّبعين ومقتدين بسنة نبيهم محمد –صلى الله عليه وسلم–، مكثرين من التلبية والتسبيح والتكبير، فيصورة روحانية وإيمانية.
وبيّنت الشريعة السمحة، أن قدوم الحجاج المقرنين أو المفردين بإحرامهم إلى مشعر منى يوم التروية والمبيت فيها بطريقهم للوقوف بمشعرعرفة، سُنّة مؤكدة.
مشعر منى .. المتمتعون المتحللون
ويُحرم المتمتعون المتحللون من العمرة من أماكنهم سواءً داخل مكة أو خارجها، حيث يبقى الحجاج بها إلى ما بعد بزوغ شمس التاسع منذي الحجة، يتوجهون بعدها للوقوف بعرفة، ثم يعودون إليها بعد “النفرة” من عرفة والمبيت بمزدلفة لقضاء أيام (10 – 11 – 12 – 13)، ورميالجمرات الثلاث، جمرة العقبة والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى إلا من تعجّل، وذلك لقوله تعالى: (واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجلفي يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى).
ويقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد سبعة كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو حد من حدود الحرم تحيطهالجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا مدة الحج، ويحدُّه من جهة مكة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي “محسر“.
مشعر منى
ويعد مشعر منى ذا مكانة تاريخية ودينية، به رمى نبي الله إبراهيم –عليه السلام– الجمار، وذبح فدي إسماعيل –عليه السلام–، ثم أكد نبيالهدى –صلى الله عليه وسلم– هذا الفعل في حجة الوداع وحلق، واستنّ المسلمون بسنته يرمون الجمرات ويذبحون هديهم ويحلقون.
مشعر منى .. والشواخص الثلاث
ويشتهر مشعر منى بمعالم تاريخية منها الشواخص الثلاث التي ترمى، وبه مسجد “الخيف“، الذي اشتق اسمه نسبة إلى ما انحدر عنغلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، والواقع على السفح الجنوبي من جبل منى، وقريبًا من الجمرة الصغرى، وقد صلى فيه النبي –صلى اللهعليه وسلم– والأنبياء من قبله، فعن يزيد بن الأسود قال: “شهدت مع النبي –صلى الله عليه وسلم– حجته فصليت معه صلاة الصبح فيمسجد الخيف“، ومازال قائمًا حتى الآن، ولأهميته تمت توسعته وعمارته في عام 1407هـ.
ومن الأحداث التاريخية الشهيرة التي وقعت في منى، بيعتا العقبة الأولى والثانية، ففي السنة 12 من البعثة كانت الأولى بمبايعة 12 رجلًامن الأوس والخزرج لرسول الله –صلى الله عليه وسلم–، تلتها الثانية في حج العام الـ 13 من البعثة وبايعه فيها –عليه السلام– 73 رجلًاوامرأتان من أهل المدينة المنورة في الموقع نفسه، الذي يقع من الشمال الشرقي لجمرة العقبة، حيث بنى الخليفة العباسي أبي جعفرالمنصور مسجد البيعة في عام 144هـ، الواقع بأسفل جبل “ثبير” قريبًا من شعب بيعة العقبة، إحياءً لهذه الذكرى التي عاهد حينهاالأنصار رسول الله –صلى الله عليه وسلم– بمؤازرته ونصرته.
كما نزلت بها سورة “المرسلات“، لما رواه البخاري عن عبد الله –رضي الله عنه– قال: بينما نحن مع النبي –صلى الله عليه وسلم– في غار“بمنى” إذ نزل عليه (والمرسلات) وإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها.
اهتمام حكومي
وجاء اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بمشعر منى، استشعارًا منها للفترة الزمنية التي يقضيها الحجاج في منى، وإيمانًا منالقيادة الرشيدة –أيدها الله– بحجم المتطلبات التي تضمن راحة ضيوف الرحمن خلال فترة أداء مناسكهم.
ووفّرت القيادة الرشيدة –رعاها الله– الخدمات الأمنية والطبية والتموينية ووسائل النقل؛ للتسهيل على قاصدي بيت الله الحرام حجهم، وأداءمناسكهم بروحانية وطمأنينة، مؤكدةً الجهات الحكومية والخدمية أهمية السعي على تنفيذ كل ما من شأنه إنجاح مهامها في موسم الحج.