البنك المركزي المصري يسحب سيولة بنحو 340.9 مليار جنيه من السوق المصرفي

سحب البنك المركزي المصري سيولة بنحو 340.9 مليار جنيه من السوق المصرفي اليوم الثلاثاء، من خلال عطاء السوق المفتوحة الذي شارك فيه 17 بنكًا، في خطوة تهدف إلى إدارة السيولة وتحسين نفاذ سياسته النقدية.

آلية البنك المركزي المصري

يأتي هذا الإجراء عقب قرار البنك المركزي المصري بتعديل آلية قبول العطاءات في عملياته الرئيسية لربط الودائع، حيث تحول من نظام التخصيص النسبي إلى قبول جميع العطاءات المقدمة بسعر فائدة قدره 25.5%.

وأوضح البنك المركزي المصري أن هذا التغيير، الذي بدأ تطبيقه اعتبارًا من 23 أبريل 2024، يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية في إدارة فائض السيولة لدى الجهاز المصرفي وتعزيز تأثير قرارات السياسة النقدية.

البنك المركزي المصري.. إدارة السيولة 

وأكد البنك المركزي البنك المركزي المصري أنه سيستمر في إدارة السيولة لتحقيق التوازن المطلوب والحفاظ على استقرار سعر الفائدة في سوق الإنتربنك عند مستوى سعر العملية الرئيسية (متوسط الكوريدور). وسيتم نشر نتائج عمليات ربط الودائع بشكل دوري على الموقع الإلكتروني للبنك المركزي.

يُعد السوق المصرفي المصري من أكبر وأكثر الأسواق المصرفية حيوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويلعب دورًا محوريًا في دعم الاقتصاد الوطني. يخضع هذا السوق لإشراف ورقابة صارمة من قبل البنك المركزي المصري (CBE) لضمان استقراره وسلامته.

نظرة عامة وهيكل السوق:

  • حجم القطاع: يمثل القطاع المصرفي المصري مكونًا أساسيًا من النظام المالي، حيث بلغت أصوله حوالي 116.9% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في نهاية العام المالي 2023/2024.
  • سلامة مالية جيدة: يتمتع القطاع المصرفي المصري بمؤشرات سلامة مالية جيدة حتى مارس 2024، وتجاوزت جميع نسبه الرقابية المحددة من البنك المركزي.
  • البنوك العاملة: يوجد في مصر عدد من البنوك الوطنية الكبرى (مثل البنك الأهلي المصري وبنك مصر والبنك التجاري الدولي – CIB) التي تستحوذ على حصص سوقية كبيرة في الأصول والودائع، بالإضافة إلى عدد من البنوك الأجنبية والخاصة.
  • البنوك الإسلامية: تشهد الصناعة المصرفية الإسلامية في مصر نموًا ملحوظًا، حيث بلغ حجمها حوالي 840 مليار جنيه مصري في يونيو 2024.

أبرز التطورات والتوجهات:

  • التحول الرقمي والشمول المالي: يتجه القطاع المصرفي المصري بقوة نحو التحول الرقمي وتبني التقنيات الحديثة لتقديم خدمات مصرفية إلكترونية ومبتكرة، بهدف تعزيز الشمول المالي وتسهيل الوصول للخدمات المصرفية لشريحة أوسع من المجتمع.
  • زيادة أسعار الفائدة: شهد عام 2024 زيادات في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي المصري لمواجهة التضخم، حيث وصلت إلى مستويات قياسية (27.25% للإيداع و 28.25% للإقراض في أكتوبر 2024). وقد أثر هذا على نمو أرباح البنوك، حيث تباطأ نمو الأرباح المجمعة للبنوك المدرجة إلى 12% خلال الربع الأول من عام 2025 بعد أن كانت تتجاوز 100% في فترات سابقة.
  • صفقات الاندماج والاستحواذ: شهد القطاع المصرفي المصري خلال السنوات الأخيرة عدة عمليات استحواذ بارزة من قبل مستثمرين أجانب، مما يعزز قوة القطاع ويجذب موارد دولارية ضخمة. من أمثلة ذلك استحواذ بنك المؤسسة العربية المصرفية ABC على بنك بلوم مصر، واستحواذ بنك أبوظبي الأول على بنك عودة مصر.
  • السياسات النقدية للبنك المركزي: يواصل البنك المركزي المصري سياسته النقدية الهادفة لتحقيق استقرار الأسعار وسلامة النظام المصرفي، وذلك من خلال تحديد أسعار الفائدة وإدارة الاحتياطيات الدولية (التي وصلت إلى 48.526.1 مليون دولار أمريكي في نهاية مايو 2025).
  • زيادة تحويلات المصريين بالخارج: شهدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج قفزة تاريخية لتسجل نحو 26.4 مليار دولار خلال الفترة يوليو/مارس 2024/2025، مما يعكس الثقة في الاقتصاد المصري ويساهم في تعزيز السيولة الدولارية.

التحديات:

  • التضخم وتقلبات سعر الصرف: لا يزال التضخم المرتفع وتقلبات سعر صرف الجنيه المصري تمثل تحديًا للقطاع المصرفي، وتؤثر على القوة الشرائية للودائع وتكلفة الاقتراض.
  • تراجع عائد أدوات الدين: تأثر أداء القطاع المصرفي بتراجع عائد أدوات الدين بعد استقرار الجنيه، مما يضغط على أرباح البنوك.
  • سلبية صافي الأصول الأجنبية للبنوك: لا يزال صافي الأصول الأجنبية للبنوك المصرية يمثل تحديًا، وقد يؤثر على قدرتها على توفير السيولة الدولارية.
  • تأثير خفض الفائدة: على الرغم من أن خفض الفائدة يساهم في تحفيز الإقراض، إلا أنه قد يشكل تحديًا للحفاظ على معدلات نمو الأرباح الحالية للبنوك، خاصة أن سياسات بعض البنوك تعتمد على أدوات الدين المحلي.
  • الحاجة إلى التمويل: لا تزال هناك حاجة لتوفير التمويل اللازم لكافة القطاعات وتقديم المنتجات المالية المتنوعة، خاصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال.

الفرص:

  • برنامج الطروحات الحكومية: يمثل برنامج الطروحات الحكومية فرصة لجذب استثمارات أجنبية ومحلية جديدة إلى القطاع المصرفي، مثل طرح بنك القاهرة في البورصة المصرية.
  • الشمول المالي والتوسع الرقمي: التوسع في الخدمات المصرفية الرقمية والمدفوعات الإلكترونية يفتح آفاقًا جديدة لنمو القطاع وجذب شرائح جديدة من العملاء.
  • دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة: يمكن للبنوك أن تلعب دورًا أكبر في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، مما يساهم في نمو الاقتصاد وتوفير فرص العمل.
  • النمو السكاني: النمو السكاني في مصر يخلق طلبًا مستمرًا على الخدمات المصرفية المختلفة.

باختصار، السوق المصرفي المصري سوق قوي ومستقر، يلعب دورًا حيويًا في الاقتصاد. ورغم التحديات التي يواجهها، فإنه يتمتع بفرص نمو كبيرة مدفوعة بالتحول الرقمي، وجهود الإصلاح الاقتصادي، والاهتمام المتزايد من قبل المستثمرين الأجانب.

إقرأ أيضا: «فيتش» تتوقع تسارع وتيرة الاندماجات في قطاع التأمين السعودي