حذر البنك المركزي الأوروبي من تباطؤ كبير في نمو التجارة العالمية خلال العامين المقبلين، عازياً ذلك بشكل رئيسي إلى التعريفات الجمركية الأمريكية وتزايد عدم اليقين بشأن السياسات التجارية الدولية.
نمو التجارة العالمية .. واردات 2025
وخفض البنك توقعاته لنمو الواردات العالمية لعام 2025 إلى 3.1% (بانخفاض 0.4 نقطة مئوية)، ولعام 2026 إلى 1.7% (بانخفاض حاد قدره 1.4 نقطة مئوية).
في المقابل، أوضح البنك وجود عوامل إيجابية قد تدعم اقتصاد منطقة اليورو وتعزز صموده، منها زيادة الإنفاق الحكومي على الدفاع والبنية التحتية، وارتفاع الدخل الحقيقي للأسر، وقوة سوق العمل، إلى جانب تحسن ظروف التمويل.
تشهد التجارة العالمية حاليًا فترة من التباطؤ، مع توقعات حذرة للنمو في عام 2025. تُشير التقارير الصادرة عن مؤسسات دولية كبرى مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى أن النمو العالمي سيكون الأضعف في 17 عامًا، خارج فترات الركود الصريحة. هذا التباطؤ يُلقي بظلاله على حركة التجارة الدولية، التي تُعد شريان الاقتصاد العالمي.
توقعات النمو لعام 2025
تتفق معظم التوقعات على أن نمو التجارة العالمية في عام 2025 سيكون أقل مما كان عليه في السنوات الماضية، وأقل من التوقعات السابقة:
- تباطؤ ملحوظ: تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نمو التجارة العالمية قد ينخفض إلى 1.6% في عام 2025، وهو نصف معدل النمو المتوقع لعام 2024 (3.3%).
- عوامل التباطؤ: يُعزى هذا التباطؤ بشكل أساسي إلى تصاعد الحواجز التجارية، وارتفاع حالة عدم اليقين في السياسات العالمية، بالإضافة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في الاقتصادات الكبرى، لا سيما الولايات المتحدة وأوروبا.
- التأثير على النمو العالمي: يُتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى حوالي 2.3% أو 2.4% في عام 2025، وهو رقم يُعتبر منخفضًا تاريخيًا.
العوامل المؤثرة على نمو التجارة العالمية
تتأثر التجارة العالمية بمجموعة معقدة من العوامل، منها:
-
السياسات التجارية والحمائية:
- التعريفات الجمركية والرسوم: تُعد من أبرز المعوقات، حيث تؤدي الزيادات في التعريفات الجمركية، خاصة بين الاقتصادات الكبرى (مثل الولايات المتحدة والصين)، إلى تقليل حجم التبادل التجاري وتغيير مسارات سلاسل الإمداد.
- الحروب التجارية: تخلق حالة من عدم اليقين وتُثبط الاستثمار، مما يؤثر سلبًا على التجارة.
-
الظروف الاقتصادية العالمية:
- النمو الاقتصادي العالمي: يؤدي التباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي إلى انخفاض الطلب على السلع والخدمات، وبالتالي تباطؤ حركة التجارة.
- التضخم وأسعار الفائدة: الضغوط التضخمية وارتفاع أسعار الفائدة في العديد من الدول تؤثر على القوة الشرائية وتزيد من تكلفة التمويل للشركات، مما ينعكس سلبًا على الاستيراد والتصدير.
- مستويات الدين العام: ارتفاع مستويات الدين في العديد من الدول، خاصة النامية، يقلل من قدرتها على تخصيص الموارد للاستيراد.
-
الأحداث الجيوسياسية والصراعات:
- التوترات الجيوسياسية: الصراعات والتوترات في مناطق حيوية (مثل الشرق الأوسط وأوكرانيا) تُعطل سلاسل الإمداد، وتزيد من تكاليف الشحن (كما حدث في البحر الأحمر)، وتخلق حالة من عدم اليقين تُثبط الاستثمار والتجارة.
- مخاطر الأمن السيبراني: التهديدات السيبرانية على البنية التحتية التجارية يمكن أن تعرقل حركة التجارة.
-
اضطرابات سلاسل الإمداد:
- تُعد اضطرابات سلاسل الإمداد، سواء بسبب الكوارث الطبيعية، الأوبئة (كما حدث مع كوفيد-19)، أو التوترات الجيوسياسية، تحديًا رئيسيًا يُعيق تدفق السلع.
- التحديات اللوجستية: ارتفاع تكاليف الشحن، ونقص حاويات الشحن، وتباطؤ حركة الموانئ يمكن أن تُعرقل نمو التجارة.
-
التغيرات التكنولوجية:
- على المدى الطويل، تُسهم التطورات التكنولوجية في تبسيط العمليات التجارية وزيادة الكفاءة. ومع ذلك، يمكن أن تؤدي الأتمتة و”إعادة توطين” بعض الصناعات إلى تغيير أنماط التجارة.
-
تغير المناخ والسياسات البيئية:
- تزايد الاهتمام بالاستدامة واللوائح البيئية يمكن أن يؤثر على تكلفة الإنتاج والنقل، مما يُعاد تشكيل سلاسل القيمة العالمية.
توقعات إقليمية
تختلف توقعات نمو التجارة والناتج المحلي الإجمالي من منطقة لأخرى في عام 2025:
- الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: يُتوقع أن يرتفع النمو إلى 2.7% في عام 2025، مدفوعًا بشكل أساسي بتوسع نشاط النفط في الدول المصدرة.
- جنوب آسيا: من المتوقع أن يتباطأ النمو إلى 5.8% في عام 2025، لكنها لا تزال من أسرع الاقتصادات الكبيرة نموًا (خاصة الهند).
- شرق آسيا والمحيط الهادئ: يُتوقع أن يتباطأ النمو إلى 4.5% في عام 2025.
- أوروبا وآسيا الوسطى: يُتوقع تباطؤ النمو إلى 2.4% في عام 2025.
- الولايات المتحدة الأمريكية: يتوقع تباطؤ النمو بشكل كبير من 2.8% في 2024 إلى 1.6% في 2025، مع تأثير ارتفاع التعريفات الجمركية وعدم اليقين في السياسات على الاستثمار والاستهلاك الخاص.
التحديات المستقبلية
يُشير الخبراء إلى أن المشهد الاقتصادي العالمي محاط بالضبابية في 2025. إذا استمرت القيود التجارية وتصاعد عدم اليقين في السياسات، فقد يكون النمو أقل من المتوقع. ومع ذلك، هناك فرصة لتحسن الأوضاع إذا تراجعت الدول عن سياساتها التجارية الحالية وتم التوصل إلى اتفاقيات تجارية جديدة.
تواجه التجارة العالمية في عام 2025 رياحًا معاكسة قوية، وتتطلب من الدول والشركات التكيف مع بيئة متغيرة بشكل مستمر.
إقرأ أيضا: «الخزانة الأمريكية» تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار