في تحرك استراتيجي مفاجئ يُعيد تشكيل ملامح سباق الذكاء الاصطناعي، أعلنت شركة جوجل التابعة لـألفابت عن توظيف عدد من الموظفين الرئيسيين في شركة ويندسيرف (Windsurf) الناشئة، المتخصصة في توليد الأكواد باستخدام الذكاء الاصطناعي.
تأتي هذه الخطوة عقب محاولة منافستها “OpenAI” الاستحواذ على الشركة، مما يُبرز الاهتمام المتزايد بمجال توليد الأكواد البرمجية الذي يعد من أسرع تطبيقات الذكاء الاصطناعي نموًا.
تفاصيل الصفقة غير المعتادة ودور “ديب مايند”
كشف مصدر مطلع لرويترز أن “غوغل” ستدفع 2.4 مليار دولار كرسوم ترخيص بموجب الصفقة لاستخدام بعض تقنيات “ويندسيرف” بشروط غير حصرية، مع التأكيد على أن “جوجل ” لن تحصل على أي حصة في الشركة الناشئة نفسها. هذا الهيكل غير المعتاد للصفقة يُعد مكسبًا كبيرًا لمستثمري “ويندسيرف”، التي جمعت 243 مليون دولار سابقًا وقدرت قيمتها بـ 1.25 مليار دولار قبل عام، حيث سيحصل المستثمرون على سيولة مالية مع احتفاظهم بحصصهم في الشركة.
وسينضم فارون موهان، الرئيس التنفيذي لـ”ويندسيرف”، والمؤسس المشارك دوغلاس تشين، وبعض أعضاء فريق البحث والتطوير في أداة البرمجة، إلى قسم الذكاء الاصطناعي “ديب مايند” التابع لـ جوجل . وسيركز هذا الفريق على مبادرات البرمجة القائمة على وكلاء الذكاء الاصطناعي في “ديب مايند”، وسيعمل بشكل رئيسي على مشروع “Gemini“، وهو ما يُشير إلى الأهمية الاستراتيجية لهذه المواهب في تطوير منتجات غوغل المستقبلية.
“التوظيف بالاستحواذ”: استراتيجية لتجنب التدقيق التنظيمي
تُحاكي هذه الخطوة المفاجئة من “غوغل” صفقتها في أغسطس 2024، حيث عينت موظفين رئيسيين من شركة “Character.AI” المتخصصة في روبوتات الدردشة. هذا النمط من الصفقات، المعروف باسم “التوظيف بالاستحواذ (Acquihire)“، حيث تستحوذ شركة على أخرى أصغر للحصول على موظفيها وليس بالضرورة منتجاتها، أصبح شائعًا بين عمالقة التكنولوجيا.
وقد سارعت شركات كبرى مثل مايكروسوفت وأمازون وميتا إلى تبني هذه الاستراتيجية. فمثلاً، أبرمت “مايكروسوفت” صفقة بقيمة 650 مليون دولار مع شركة “Inflection AI” في مارس 2024، لتوظيف فريقها واستخدام نماذجها. كما وظفت “أمازون” المؤسسين المشاركين لشركة “Adept” للذكاء الاصطناعي وبعضًا من فريقها في يونيو الماضي. بينما استحوذت “ميتا” على حصة 49% في “Scale AI” في يونيو، في أكبر اختبار لهذا النوع من الشراكات.
تحقيقات تنظيمية وسباق المواهب
على عكس عمليات الاستحواذ العادية التي تتطلب مراجعة من قبل هيئات مكافحة الاحتكار الأمريكية، لا تتطلب صفقات “التوظيف بالاستحواذ” هذه المراجعة المبدئية، مما أثار انتقادات بأنها محاولة للتهرب من التدقيق التنظيمي. ومع ذلك، يُمكن للهيئات المعنية التدقيق في الصفقة إذا رأت أنها مُهيكلة لتجنب المتطلبات أو الإضرار بالمنافسة، وقد أصبحت العديد من هذه الصفقات محل تحقيقات تنظيمية لاحقًا.
يأتي هذا التطور في الوقت الذي تتسابق فيه شركات التكنولوجيا العملاقة، بما في ذلك “ألفابت” و”ميتا”، بشكل محموم لتقديم رواتب بملايين الدولارات لجذب أفضل المواهب في سباق الذكاء الاصطناعي، لقيادة الموجة التالية من هذه التقنيات. ومعظم موظفي “ويندسيرف”، البالغ عددهم حوالي 250 موظفًا، سيبقون في الشركة، التي أعلنت عن خطط لإعطاء الأولوية للابتكار لعملائها من الشركات.