بعد سنوات من العمل الشاق في المطابخ السريعة الإيقاع، وجد رائد الأعمال الأمريكي كريس كيربي نفسه على مفترق طرق في سن السادسة والعشرين. كان يشعر بالاستنزاف في عمل لا يقدم له العائد المادي أو الرضا الشخصي.
هذا الشعور العميق بالجمود، الذي وصفه كيربي لشبكة “CNBC” بقوله: “كنت أستيقظ وأتساءل: هل هذه هي الحياة فقط؟”، دفعه نحو قرار جذري بتغيير مسار حياته جذريًا. هذه القصة تسلط الضوء على الإرادة والتصميم في ريادة الأعمال وتحقيق الذات.
بداية جديدة برؤية واضحة وطموح متجدد
في لحظة حاسمة، قرر كريس كيربي التخلي عن وظيفته وحزم أمتعته، مغادرًا ولاية أوستن متجهًا إلى ماريلاند، حيث بدأ من جديد من منزل والديه. لم يكن هذا مجرد انتقال، بل كان بداية فصل جديد في حياته. التحق كيربي بكلية مجتمع محلية، ليس بلا هدف، بل بخطة دقيقة للوصول إلى جامعة مرموقة وإنهاء دراسته الجامعية. هذا التخطيط الدقيق يعكس رؤيته الاستراتيجية التي ستحدد مساره كرائد أعمال.
بعد عام واحد من الجهد والتصميم، تمكن كيربي من الانضمام إلى كلية كورنيل لإدارة الفنادق، وهي إحدى الجامعات المرموقة. كان تركيز كريس كيربي واضحًا: أن يكون طالبًا غير تقليدي لديه طموح محدد يتمثل في بناء مشروع تجاري ناجح. خلال زيارته الأولى إلى إيثاكا، لاحظ كيربي فجوة واضحة في سوق المأكولات الجاهزة. وبعد دراسة متأنية، قرر أن الحمص هو المنتج المثالي لسد هذه الفجوة، مستفيدًا من شعبيته وإمكانية إنتاجه بجودة عالية.
إطلاق مشروع بإمكانات محدودة وطموح لا حدود له
على الرغم من قلة موارده المالية، لم يدع كيربي ذلك يقف حائلًا أمام تنفيذ فكرته. بدأ مشروع “حمص إيثاكا” بشراء خلاط يدوي بسيط بسعر 450 دولارًا، وأنفق القليل على معدات طهي أساسية. في قرار يعكس إصراره على التوفير، قرر أن يعتصر الليمون يدويًا لتجنب تكاليف العصارات الصناعية الباهظة. بلغت التكلفة الإجمالية لبدء المشروع ما بين 3 آلاف و4 آلاف دولار، وهو مبلغ زهيد للغاية مقارنة بعالم ريادة الأعمال والشركات الناشئة، لكنه كان كافيًا لإنتاج أول دفعة من “حمص إيثاكا” وبدء مسيرته.
كان كيربي ينسق دروسه الجامعية في الصباح بمهارة فائقة، ليخصص ما تبقى من يومه بالكامل لتحضير الحمص. وفي عطلات نهاية الأسبوع، كان ينقل منتجاته إلى سوق المزارعين بنفسه، متواصلًا مباشرة مع الزبائن، وطامحًا في تقديم منتجه لأكبر عدد ممكن منهم. وعلى الرغم من أن جدول عمله كان أكثر إرهاقًا وتطلبًا للجهد من أيامه في المطاعم، شعر كيربي هذه المرة بفرق جوهري: فكان يعمل ضمن رؤيته الخاصة، وكان كل جهد يبذله يصب في مصلحة حلمه ومشروعه الناشئ. هذه القصة تجسد نموذجًا ملهمًا لـالتحول الوظيفي وبناء المشاريع الصغيرة من الصفر.
إقرأ أيضا: “مسار الفكرة” ينطلق بالمدينة المنورة: دعم شامل للرياديين لتحويل الأفكار إلى مشاريع مستدامة