أصدر صندوق النقد الدولي تحذيرًا جادًا بشأن التداعيات الاقتصادية المحتملة لـتغير المناخ على مصر. ففي تقرير المراجعة الرابعة لبرنامج التعاون مع مصر، أوضح الصندوق أن البلاد تواجه مخاطر متزايدة تشمل ارتفاع درجات الحرارة، ارتفاع منسوب سطح البحر، وتزايد عدم اليقين بشأن مصادر المياه.
وحذر التقرير من أن التأثير المجمع لهذه المخاطر المناخية قد يؤدي إلى تراجع دخل الفرد بنحو 8% بحلول منتصف القرن، مما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة هذه التحديات.
صندوق النقد والمخاطر المناخية
يشير تقرير صندوق النقد الدولي إلى أن مصر تحتل المرتبة 110 عالميًا من حيث التعرض للمخاطر المناخية، وهي مكانة تضعها ضمن الدول الأكثر عرضة للتأثر بالظاهرة. وفي المقابل، تأتي مصر في المرتبة 127 من حيث الجاهزية للتعامل مع هذه التحديات، مما يسلط الضوء على فجوة كبيرة بين مستوى التعرض للمخاطر وقدرة البلاد على التكيف معها.
هذه الفجوة تستدعي تكثيف الجهود الوطنية لتعزيز قدرة البلاد على التكيف مع التغيرات المناخية والحد من آثارها الاقتصادية والاجتماعية المدمرة. يتطلب الأمر استثمارات ضخمة في البنية التحتية المقاومة للمناخ، وتطوير أنظمة إنذار مبكر، وتنفيذ سياسات تهدف إلى ترشيد استهلاك المياه، بالإضافة إلى تبني ممارسات زراعية مستدامة.
تأثيرات متعددة الأبعاد على الاقتصاد والمجتمع
إن تراجع دخل الفرد بنسبة 8% بحلول منتصف القرن ليس مجرد رقم اقتصادي؛ بل يعكس تأثيرات واسعة النطاق على جودة حياة المواطنين والاستقرار الاقتصادي. فارتفاع درجات الحرارة يؤثر سلبًا على الإنتاجية في قطاعات حيوية مثل الزراعة والصناعة، ويزيد من استهلاك الطاقة للتبريد.
أما ارتفاع منسوب سطح البحر، فيهدد المناطق الساحلية المنخفضة، بما في ذلك الدلتا، مما يؤدي إلى تملح الأراضي الزراعية وتشريد السكان وتدمير البنية التحتية. كما أن عدم اليقين بشأن مصادر المياه، وخاصة نهر النيل، يمثل تحديًا وجوديًا للأمن المائي والغذائي في مصر، التي تعتمد بشكل كبير على النهر كمصدر رئيسي للمياه.
دعوة لجهود وطنية ودولية متكاملة
يُبرز تقرير صندوق النقد الدولي الحاجة الملحة لتبني استراتيجية وطنية شاملة ومتكاملة لمواجهة تحديات تغير المناخ. هذه الاستراتيجية يجب أن تشمل تعزيز التعاون الدولي، وجذب التمويل الأخضر، والاستفادة من الخبرات العالمية في مجال التكيف والتخفيف من آثار التغيرات المناخية. كما يجب أن تركز على بناء قدرات المؤسسات والأفراد على مواجهة هذه التحديات.
فالاستثمار في الاقتصاد الأخضر، وتطوير الطاقة المتجددة، وتعزيز المرونة المناخية، لم تعد خيارات، بل ضرورة حتمية لضمان مستقبل مستدام ومزدهر للأجيال القادمة في مصر. هل تتخذ الحكومة المصرية إجراءات فورية لتعزيز جاهزيتها لمواجهة هذه التحديات المناخية الكبرى؟
إقرأ أيضا: شركة أدنوك تعزز استراتيجيتها الاستثمارية الدولية: نقل حصتها في OMV إلى “XRG” وتأسيس “بروج الدولية”