تولي وزارة النقل المصرية اهتماماً متزايداً بتطوير قطاع النقل النهري، باعتباره حلاً استراتيجياً لتقليل الاعتماد على النقل البري وتخفيف الضغط عن شبكة الطرق.
لا تقتصر فوائد هذا التوجه على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تمتد لتشمل جوانب بيئية ومجتمعية هامة، مما يجعله ركيزة أساسية في خطط التنمية المستدامة للدولة.
النقل النهري .. حمولات مقارنة بالشاحنات
يتميز بقدرته الفائقة على استيعاب كميات ضخمة من الحمولات مقارنة بالشاحنات، حيث يمكن للوحدة النهرية الواحدة أن تنقل ما يعادل حمولة 40 شاحنة في المرة الواحدة.
هذا من شأنه أن يقلل بشكل كبير من استهلاك الوقود، وتكاليف صيانة الطرق، إضافة إلى الحد من التلوث البصري والسمعي والهوائي الناجم عن حركة الشاحنات الكثيفة. كما أن الاعتماد على النقل النهري يساهم في تقليل الحوادث المرورية والكثافات على الطرق السريعة.
النقل النهري .. إنجازات وتطورات
كشفت مصادر في وزارة النقل أن مجرى نهر النيل قد خضع لأعمال تكريك وتطهير مكثفة بطول 3,126 كم، مما يضمن تأمين مرور الوحدات النهرية بسلاسة من الجنوب إلى الشمال.
تكللت هذه الجهود بنجاح، حيث نفذ ميناء دمياط لأول مرة عملية شحن ونقل 750 طناً من سماد اليوريا المعبأ، باستخدام الوحدة النهرية “النيل 5” التابعة لشركة النيل الوطنية للنقل النهري. وقد اتجهت هذه الشحنة إلى منطقة توشكى لدعم المشروعات الزراعية هناك، مما يعادل حمولة 13 شاحنة بأقصى حمولة مقدرة (60 طناً).
ولتعظيم الاستفادة من هذا القطاع، قامت الوزارة بوضع خطة شاملة تتضمن تعديل الإطار القانوني، حيث صدق الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون رقم 167 لسنة 2022، والذي يهدف إلى توحيد جهة الولاية على نهر النيل تحت إشراف الهيئة العامة للنقل النهري. هذا التعديل يساهم في تسهيل إجراءات الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص على المشاركة بفعالية في هذا المجال الواعد.
شبكة موانئ وأهوسة حديثة
وفي إطار خطة التطوير، تم إنشاء شبكة من الموانئ النهرية في مختلف المحافظات، بعضها متخصص في أنواع محددة من البضائع، والبعض الآخر يمكن استخدامه للبضائع العامة. كما تعمل الوزارة على صيانة وتطوير الأهوسة الموجودة، وإنشاء أهوسة جديدة وفقاً لأحدث المعايير الهندسية لزيادة الطاقة الاستيعابية وتقليل زمن العبور.
ولمواكبة التطور التكنولوجي، تعاونت الهيئة العامة للنقل النهري مع شركة نمساوية متخصصة لتنفيذ منظومة “خدمات معلومات النهر” (River Information Services)، التي توفر خرائط إلكترونية لتحديد المسار الآمن للوحدات النهرية، وتسمح بتبادل المعلومات ومتابعة حركة الوحدات في المجرى الملاحي لضمان سلامة الملاحة.
تدعو وزارة النقل القطاع الخاص إلى الاستثمار في النقل النهري للاستفادة من المزايا الاقتصادية والبيئية المتعددة، مما يساهم في تقليل تكاليف النقل، وحماية البيئة، وتعزيز السلامة على الطرق.