تشهد البنوك السعودية تحولاً لافتاً في هيكل التمويل، مع تكثيف البنوك لإصدار أدوات الدين طويلة الأجل، خاصة الصكوك، لتعزيز سيولتها في مواجهة التوسع الاقتصادي غير المسبوق.
ووفقاً لأحدث البيانات، قفزت حصيلة البنوك السعودية من هذه الإصدارات إلى 13.9 مليار دولار منذ مطلع العام الجاري 2025، متجاوزة بذلك كامل إصدارات عام 2024 التي بلغت 9.5 مليار دولار.
ويعكس هذا التوجه ديناميكية النشاط الاقتصادي في المملكة، حيث تجد البنوك نفسها أمام تحد يتمثل في عدم مواكبة نمو الودائع للزيادة المتسارعة في أنشطة الإقراض، التي يدفعها التمويل اللازم للمشاريع العملاقة ضمن “رؤية السعودية 2030”.
وبحسب وكالة “موديز ريتنغز”، فإن التمويل بالودائع لن يكون كافياً لتلبية الطلب المتنامي على الائتمان المرتبط بالبنية التحتية ومشاريع التنمية.
البنوك السعودية .. توسعات قياسية في الموانئ
وفي سياق متصل، أكد وزير النقل والخدمات اللوجستية السعودي، صالح الجاسر، أن المملكة تشهد في الوقت الراهن توسعات كبيرة في قطاع الموانئ البحرية. وأشار إلى وجود شراكات مع القطاع الخاص باستثمارات تصل إلى نحو 20 مليار ريال، تشمل مشاريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي والتشغيل الآلي.
وأوضح الجاسر أن هذه المشاريع تهدف إلى رفع كفاءة الموانئ وتعزيز دورها كمحور رئيسي للتجارة العالمية، مما يعكس توجه المملكة نحو ترسيخ مكانتها كمركز لوجستي عالمي.
البنوك السعودية .. والاستثمار الأجنبي
من جهته، أبدى وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، تفاؤلاً كبيراً بمستقبل الاستثمار في المملكة، مؤكداً أن عام 2025 سيكون “أفضل بكثير من 2024”. وأوضح الفالح أن المملكة تواصل جذب الاستثمار الأجنبي على الرغم من ضعف الأرقام في الأسواق العالمية، حيث ارتفع عدد الشركات الأجنبية المسجلة في السعودية ليبلغ 52 ألف شركة، مقارنة بنحو 5 آلاف فقط عند بداية الرؤية.
وأشار الفالح إلى أن عدد المقرات الإقليمية للشركات الأجنبية بلغ 660 مقراً، متجاوزاً بذلك المستهدف لعام 2030 والمحدد بـ 500 مقر. وتوقع أن يتجاوز عدد المقرات الإقليمية 1000 شركة خلال عدة سنوات، مما يعكس ثقة الشركات العالمية في البيئة الاستثمارية بالمملكة.
ورغم انخفاض صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي في عام 2024 بنسبة 6% ليبلغ 80 مليار ريال مقارنة بـ 86 مليار ريال في عام 2023، إلا أن استبياناً أجرته وزارة الاستثمار أظهر أن الشركات الأجنبية لديها نية لاستثمار ما يفوق 500 مليار ريال خلال السنوات الخمس القادمة.
وتؤكد هذه المؤشرات مجتمعة أن الاقتصاد السعودي يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف “رؤية 2030″، عبر توفير التمويل اللازم لمشاريع التنمية، وتطوير البنية التحتية، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية النوعية، مما يعزز مكانة المملكة على الساحة الاقتصادية العالمية.