أظهرت بيانات رسمية من وزارة العدل القطرية أن القطاع العقاري في البلاد واصل زخمه القوي خلال شهر أغسطس الماضي، مسجلاً تداولات تجاوزت حاجز 1.1 مليار ريال قطري. ويأتي هذا الأداء في ظل استمرار النمو الاقتصادي وتدفق الاستثمارات في المشاريع الكبرى، مما يعكس مرونة القطاع العقاري وقدرته على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وبحسب النشرة الشهرية الصادرة عن إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، بلغت القيمة الإجمالية للتداولات العقارية في أغسطس 1,129,431,273 ريالاً قطرياً، وهو ما يؤكد على مكانة العقار كأحد أبرز القطاعات الاقتصادية غير النفطية في قطر.
ورغم أن هذا الرقم يمثل تراجعاً طفيفاً مقارنةً بالتدفقات الكبيرة التي شهدها شهر يوليو السابق، الذي سجل تداولات بقيمة 1.5 مليار ريال، إلا أنه يعكس استقرار السوق في مستويات مرتفعة.
القطاع العقاري: توزيع التداولات وأكثر البلديات نشاطاً
أوضحت النشرة أن التداولات تركزت في عدد من البلديات الرئيسية، التي شكلت محاور النشاط العقاري في الدولة. تصدرت بلدية الريان قائمة البلديات الأكثر نشاطاً من حيث قيمة الصفقات، تلتها بلدية الدوحة، ثم الظعاين وأم صلال والوكرة. ويشير هذا التوزيع الجغرافي إلى أن حركة السوق لا تقتصر على العاصمة فحسب، بل تمتد لتشمل مناطق التطوير الجديدة والمشاريع السكنية الكبرى التي تشهد توسعاً عمرانياً ملحوظاً.
وشملت عمليات البيع أنواعاً مختلفة من العقارات، كان أبرزها الأراضي الفضاء، والمساكن، والعمارات السكنية، بالإضافة إلى المحال التجارية والوحدات السكنية. ويُظهر هذا التنوع في الصفقات استمرار الطلب على مختلف أنواع الأصول العقارية، سواء بهدف التطوير والاستثمار طويل الأجل، أو بغرض السكن المباشر.
كما كشفت البيانات عن نشاط لافت في سوق الرهونات العقارية، حيث سجلت بلدية الريان أعلى عدد من معاملات الرهن، تلتها بلدية الدوحة. وتدل هذه الأرقام على أن التمويل العقاري يلعب دوراً حيوياً في تحفيز حركة السوق، مما يتيح للمشترين من الأفراد والشركات إتمام صفقات كبرى.
دوافع الزخم العقاري والتوقعات المستقبلية
يُمكن تفسير هذا الزخم في القطاع العقاري القطري بالعديد من العوامل الاقتصادية والاستراتيجية. في مقدمتها، الاستقرار الاقتصادي العام للدولة، مدعوماً بأسعار الطاقة العالمية المواتية والمشاريع الحكومية الطموحة. كما أن القوانين والتشريعات العقارية الجديدة، التي سمحت بتملك غير القطريين للعقارات في مناطق محددة، ساهمت بشكل كبير في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى السوق، مما عزز من سيولته ونموه.
ويُعد القطاع العقاري عنصراً أساسياً في تنفيذ “رؤية قطر الوطنية 2030”، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط والغاز. وتُعد المشاريع العملاقة مثل لوسيل واللؤلؤة-قطر من أبرز محركات النمو، حيث تُقدم وحدات سكنية وتجارية فاخرة تلبي احتياجات شريحة واسعة من المستثمرين والمقيمين.
خلاصة وتطلعات مستقبلية
تؤكد الأرقام المسجلة في أغسطس أن القطاع العقاري القطري يواصل أداءه القوي، محافظاً على جاذبيته الاستثمارية رغم التحديات. فمع تجاوز قيمة التداولات لحاجز المليار ريال للمرة الثانية على التوالي، تُرسل السوق رسالة واضحة بمتانتها ومرونتها.
ويتوقع المحللون أن يستمر القطاع في مساره الإيجابي خلال الفترة القادمة، مدفوعاً بزيادة الطلب السكني، واستكمال المشاريع التنموية، والثقة في مستقبل الاقتصاد القطري. ويُشير هذا الأداء القوي إلى أن القطاع العقاري سيظل من الركائز الأساسية التي تساهم في تحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام في دولة قطر.