شهدت الشركات الناشئة في المنطقة العربية حراكًا استثماريًا لافتًا خلال الأسبوع الأول من شهر سبتمبر الجاري، مما يؤكد على نضوج بيئة ريادة الأعمال وتزايد ثقة المستثمرين في المشاريع الواعدة.
بلغ إجمالي قيمة الجولات الاستثمارية 27.8 مليون دولار أمريكي عبر 5 صفقات تمويلية تم الإعلان عنها في الفترة من 1 إلى 6 سبتمبر 2025. هذه الأرقام لا تعكس فقط قوة الشركات الناشئة، بل تؤكد أيضًا أن الاستثمار الجريء بات المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي، ووسيلة لتعزيز قدرة الشركات على الابتكار والتوسع.
الشركات الناشئة تنوع قطاعي وجغرافي
لم يقتصر الحراك الاستثماري على قطاع واحد، بل امتد ليشمل مجالات متنوعة وواعدة. فقد استحوذ قطاع التقنية على نصيب الأسد من هذه الاستثمارات، وفي مقدمتها جولة تمويل من السلسلة “أ” بقيمة 12.5 مليون دولار لصالح شركة “إنتيلا” (Intella)، المتخصصة في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي ومعالجة البيانات ومقرها المملكة العربية السعودية. وتُعد هذه الصفقة الأكبر خلال الأسبوع، مما يؤكد الاهتمام المتزايد بالحلول التكنولوجية التي تُعيد تعريف القطاعات المختلفة.
وفي الإمارات العربية المتحدة، أُبرمت صفقة تمويل بنفس القيمة، 12.5 مليون دولار، لصالح منصة تأجير السيارات “ويلزأون” (WheelsOn)، مما يُبرز أهمية الحلول التقنية المبتكرة في دعم البنية التحتية لقطاع النقل والخدمات.
الشركات الناشئة: تمويل مرحلة البذرة
لم تتوقف الجولات الاستثمارية عند الشركات الكبيرة، بل امتدت لدعم المشاريع في مراحلها الأولى. ففي الإمارات أيضًا، حصلت شركة التقنية العقارية “سرايا” (Seraya) على تمويل من مرحلة البذرة بقيمة 1.8 مليون دولار، مما يؤكد استعداد المستثمرين للمخاطرة في مراحل مبكرة.
كما شهدت المنطقة العربية تنوعًا جغرافيًا في الصفقات، وهو مؤشر إيجابي على أن بيئة ريادة الأعمال لا تقتصر على دول الخليج فقط. ففي المغرب، حصلت منصة التجارة الإلكترونية العابرة للحدود “جاستيول” (Justyol) على تمويل بقيمة 1 مليون دولار، بينما تم الإعلان عن صفقة تمويل لمنصة تحسين أداء المبيعات “أدفكيت.إيه آي” (Addvocate.ai) ومقرها تونس. هذا التنوع يثبت أن السوق العربية هي مجموعة من الأسواق التي تقدم فرصًا استثمارية مختلفة، ما يشجع المستثمرين على تنويع محافظهم الاستثمارية وتقليل المخاطر.
الشركات الناشئة : خارطة طريق لمستقبل الاستثمار الجريء
يمكن اعتبار الأسبوع الأول من سبتمبر خارطة طريق لمستقبل الاستثمار الجريء في المنطقة. فالصفقات التي تمت تُظهر أن المستثمرين لا يبحثون عن الأفكار المبتكرة فحسب، بل عن نماذج عمل قادرة على تحقيق النمو المستدام. هذا يتطلب من الشركات الناشئة التركيز على بناء أساس متين وتحقيق إيرادات قبل السعي للحصول على تمويل متقدم.
كما أن استمرار تدفق الاستثمارات في مرحلة البذرة يؤكد أن المنظومة الاستثمارية في المنطقة لا تزال تدعم الأفكار في مراحلها الأولى، مما يمنح رواد الأعمال الجدد الفرصة لبدء وتنمية مشاريعهم. هذا التوازن بين دعم المشاريع الناشئة والشركات المتقدمة يعزز من ديناميكية السوق ويُقدم فرصًا للجميع، مما يساهم في بناء اقتصاد عربي أقوى وأكثر تنوعًا.