كشفت دراسة حديثة أجراها الاتحاد الألماني لشركات الأدوية البحثية أن الاقتصاد الألماني تكبد خسائر تُقدر بنحو 67 مليار يورو خلال عام 2024 نتيجة الأعباء البيروقراطية، وهو ما يعادل حوالي 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
البيروقراطية تخنق الإنتاجية
وأوضح الاتحاد أن الإجراءات الإدارية المعقدة تقلل من إنتاجية الشركات، وتحجب موارد هامة يمكن توجيهها إلى أنشطة أكثر حيوية مثل البحث والتطوير أو الإنتاج الصناعي. وأكد في بيانه أن تقليل التكاليف المرتبطة بالبيروقراطية عبر الأتمتة والرقمنة يمثل ميزة تنافسية، محذرًا من أن استمرار الأعباء الحالية قد يهدد تنافسية ألمانيا عالميًا.
البيروقراطية .. أرقام ودلالات
أشارت الدراسة، التي اطلعت عليها وكالة الأنباء الألمانية، إلى أن تقديراتها “متحفظة”، إذ اعتمدت على حساب ساعات العمل المهدرة في إنجاز الإجراءات البيروقراطية فقط، دون احتساب أي فوائد محتملة.
وفي قطاع الصناعات الدوائية وحده، تبيّن أن ساعة من كل خمس ساعات عمل تُخصص لتلبية التزامات التوثيق وإعداد التقارير، ما يكشف عن حجم الضغط الإداري على الشركات.
توازن مطلوب بين الرقابة والكفاءة
أكد الاتحاد أن البيروقراطية ليست هدفًا في حد ذاتها، بل أداة لضمان الجودة والسلامة وسيادة القانون، وهي ركائز أساسية لاقتصاد السوق. لكن كبير خبراء الاقتصاد في الاتحاد، كلاوس ميشلزن، شدد على ضرورة تحديث القيود التنظيمية بدلًا من إلغائها. وقال: “يمكن أن تتحول البيروقراطية المرنة والمتوافقة مع المعايير الدولية من عائق إلى ميزة، شريطة تبسيط الإجراءات وتسريعها وزيادة رقمنتها”.
القطاعات الأكثر تأثرًا
ووفقًا للتقرير، فإن 51 مليار يورو من التكاليف السنوية تعود إلى لوائح عامة مثل قوانين العمل، واللوائح الضريبية والتجارية، بما في ذلك محاسبات الرواتب وتوثيق ضرائب الشركات. أما اللوائح الخاصة بكل صناعة فتبلغ تكلفتها نحو 16 مليار يورو، ويتصدر قطاع الخدمات المالية القائمة بسبب القواعد الصارمة لحماية المستهلك.
ويأتي قطاع التصنيع في المرتبة الثانية، مع تكاليف سنوية تصل إلى 2.5 مليار يورو، أي ما يعادل حوالي 1400 يورو لكل موظف.
دعوات للإصلاح
تزامن نشر الدراسة مع انعقاد فعالية “يوم قطاع الرعاية الصحية المبتكرة” في برلين، حيث دعا خبراء الاقتصاد إلى تسريع خطوات الرقمنة وتبسيط الإجراءات، باعتبارها المدخل الرئيسي لتعزيز كفاءة الاقتصاد الألماني وتقليل الهدر الناتج عن البيروقراطية.
وبينما يُعد الاقتصاد الألماني من أكبر اقتصادات أوروبا وأكثرها تنوعًا، فإن تكاليف البيروقراطية المتصاعدة تهدد بجعلها نقطة ضعف في سباق التنافسية العالمية.
إقرأ أيضا: «الإحصائي الخليجي»: 3.5 تريليون دولار أصول البنوك التجارية بدول مجلس التعاون
لسماع المقالة صوتيا اضغط هنا