في خطاب طال انتظاره خلال مؤتمر “جاكسون هول” السنوي، أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، إلى إمكانية خفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب، لكنه شدد في الوقت نفسه على وجود مستوى عالٍ من “عدم اليقين” الذي يجعل اتخاذ القرارات أكثر تعقيدًا.
ووفقًا لشبكة “سي إن بي سي”، أكد باول أن التغيرات الجذرية في السياسات الضريبية والتجارية والهجرة أحدثت تحولًا في المخاطر الاقتصادية، مما يؤثر على أهداف البنك المركزي المتمثلة في تحقيق التوظيف الكامل واستقرار الأسعار.
وفي خطابه، حذر باول من تزايد المخاطر السلبية، خاصة مع احتمالية ارتفاع التضخم مجددًا بسبب الرسوم الجمركية، وهو ما يهدد بحدوث ركود تضخمي تسعى السلطات النقدية لتجنبه.
وأوضح أن معدل الفائدة القياسي للبنك المركزي أصبح أقل بنقطة مئوية كاملة مقارنة بالعام الماضي، مع استمرار معدل البطالة في الانخفاض، وهو ما يمنح الاحتياطي الفيدرالي مرونة أكبر في اتخاذ قرارات حذرة.
أسعار الفائدة .. إشارات غير مباشرة
على الرغم من عدم إعلانه الصريح عن خفض الفائدة، فإن خطاب باول كان بمثابة إشارة غير مباشرة لتوقعات السوق بأن خفضاً قد يكون قيد الدراسة في الاجتماع القادم للجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في منتصف سبتمبر. وتتزامن هذه التوقعات مع ضغوط سياسية كبيرة يمارسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على البنك المركزي للموافقة على تخفيضات حادة.
وفي هذا السياق، أكد باول على أهمية استقلالية البنك المركزي، موضحًا أن القرارات ستستند فقط إلى البيانات والتوقعات الاقتصادية، ولن تتأثر بالضغوط السياسية. وقد ظل البنك يثبت سعر الفائدة بين 4.25% و4.5% منذ ديسمبر الماضي، حيث يرى صانعو السياسات أن الظروف الاقتصادية الحالية تسمح بمزيد من الوقت لتقييم الوضع.
أسعار الفائدة ..التضخم والرسوم الجمركية
تطرق باول إلى التوترات التجارية المستمرة وتأثيرها على الاقتصاد. وأشار إلى أن التوقعات حول تأثير الرسوم الجمركية على التضخم ما زالت متباينة، حيث يرى البعض أن تأثيرها لن يكون دائمًا، بينما يرى آخرون أن تأثيرها قد يكون مؤقتًا. وأكد أن تأثير الرسوم على سلاسل التوريد والأسواق قد يستغرق وقتًا للظهور، مما قد يطيل فترة التكيف الاقتصادي.
واستعرض باول أيضًا المراجعة الاستراتيجية للسياسة النقدية، التي سمحت للبنك المركزي بتبني نظام استهداف التضخم المرن، الذي يسمح بتجاوز مؤقت لهدف 2% بهدف دعم تعافي سوق العمل. وفي الختام، أكد باول أن الاحتياطي الفيدرالي ملتزم بهدف التضخم عند 2%، مع الاعتراف بأن السنوات الأخيرة كانت بمثابة تذكير مؤلم بآثار التضخم المرتفع، خاصة على الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع.