في استجابة سريعة للتحولات في السياسة النقدية، قامت عدد من البنوك المصرية بإعادة هيكلة منتجاتها الادخارية بهدف جذب مدخرات جديدة وضمان استقرار السيولة لديها.
وجاءت هذه الخطوة بعد قرارات البنك المركزي المتتالية بخفض سعر الفائدة على الجنيه، مع توقعات بمزيد من التخفيضات حتى نهاية العام الحالي، مما دفع البنوك للتحول من جذب الودائع قصيرة الأجل إلى التوسع في طرح شهادات ادخار طويلة الأجل بفائدة متناقصة.
كان البنك المركزي قد خفض سعر الفائدة على الجنيه بنحو 2.25% في أبريل الماضي، للمرة الأولى منذ أربع سنوات ونصف، ثم تبعه بخفض إضافي بنسبة 1% في مايو. وتزامنت هذه القرارات مع إيقاف أكبر بنكين حكوميين، البنك الأهلي المصري وبنك مصر، لإصدار شهادات الادخار السنوية ذات العوائد المرتفعة التي كانت تصل إلى 27%.
البنوك المصرية .. تنوع في الشهادات لجذب العملاء
قالت مصادر مصرفية لـ”العربية Business” إن البنوك تُعيد هيكلة منتجاتها باستمرار لتلبية احتياجاتها من الودائع، مشيرة إلى وجود منافسة ملحوظة على مدخرات الأفراد. ولجذب السيولة، طرحت البنوك شهادات طويلة الأجل بفائدة مرتفعة تتناقص تدريجياً، مما يضمن استقرار السيولة لديها.
وقد كشف مسح أجرته “العربية Business” عن طرح العديد من البنوك لمنتجات مبتكرة. فمثلاً، طرح البنك العربي الأفريقي الدولي شهادتين جديدتين؛ إحداهما “شهادة رباعية” بعائد تراكمي يصل إلى 100% يُصرف بالكامل عند الاستحقاق، والأخرى “ثلاثية” بعائد يومي متغير يصل إلى 23.25% سنوياً.
كذلك، يتيح كل من البنك الأهلي المصري وبنك مصر شهادة ادخار ثلاثية بعائد متدرج يصل إلى 27% في العام الأول، ينخفض إلى 22% في العام الثاني، و17% في العام الثالث. وفي حالة اختيار العميل لصرف العائد شهرياً، تصبح الفائدة 23% في العام الأول.
البنوك المصرية: سيولة مستقرة لمواكبة التضخم
أوضح الخبراء الاقتصاديون أن خفض الفائدة وتوقعات استمرار تراجعها دفع البنوك لتعديل آليات جذب المدخرات لتتناسب مع المرحلة المقبلة. وقال مصطفى شفيع، رئيس قسم الأبحاث بشركة “العربية أون لاين”، إن طرح شهادات طويلة الأجل بعائد متدرج يهدف إلى الحفاظ على قاعدة واسعة من المدخرات المستقرة، مع مراعاة خفض التكلفة في الأعوام المقبلة لتتماشى مع مستويات التضخم المتوقع تراجعها.
واتفق معه مسؤول خزانة بأحد البنوك الكبرى، مشيراً إلى أن انخفاض الفائدة قد أدى إلى ارتفاع طلبات الائتمان من الأفراد والشركات. وأكد أن البنوك تُفضل السيولة طويلة الأجل لسهولة توظيفها في مختلف أنشطة الاقتصاد. وتوقع استمرار طرح هذه المنتجات ذات العائد المتدرج حتى النصف الأول من العام المقبل، لحين استقرار اتجاهات الفائدة.
ويأتي هذا التحول في ظل استهداف البنك المركزي المصري لخفض معدل التضخم تدريجياً ليصل إلى 7% (بزيادة أو نقصان 2%) بنهاية الربع الأخير من عام 2026.