التضخم في السعودية يتسارع لأعلى مستوى منذ 25 شهرًا في أغسطس

شهد معدل التضخم في السعودية تسارعاً ملحوظاً خلال شهر أغسطس الماضي، مسجلاً أعلى وتيرة ارتفاع له منذ أكثر من عامين وتحديداً منذ يوليو 2023. وأظهرت بيانات حديثة صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء السعودية أن الرقم القياسي لأسعار المستهلك في المملكة ارتفع على أساس سنوي بنسبة 2.3% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق (أغسطس 2024). هذا الارتفاع يعكس ضغوطاً متزايدة على تكاليف المعيشة، مدفوعة بشكل رئيسي بزيادات حادة في أسعار السكن، الأغذية، وخدمات المطاعم.

 

أسعار السكن تقود الارتفاع وتُشعل مؤشر التضخم

يُعزى الارتفاع الرئيسي في معدل التضخم إلى الزيادة الكبيرة في أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى، والتي قفزت بنسبة 5.8%. ووفقاً للبيانات، كان العامل الأكبر تأثيراً في هذا الارتفاع هو أسعار الإيجارات الفعلية للمسكن، التي ارتفعت بنسبة 7.6%. هذا الارتفاع في تكاليف السكن، وهو أحد أهم بنود الإنفاق للمواطن والمقيم، يؤثر بشكل مباشر على القوة الشرائية، ويعكس ديناميكيات سوق العقار في المملكة التي تشهد طلباً متزايداً على المساكن في ظل المشاريع التنموية والنمو السكاني.

 

تأثيرات واسعة على سلة المستهلك اليومية

لم تقتصر الزيادات على قطاع السكن فقط، بل امتدت لتشمل سلة واسعة من السلع والخدمات الأساسية التي تؤثر على حياة المستهلك اليومية. فقد ارتفعت أسعار قسم الأغذية والمشروبات بنسبة 1.1%، مدفوعة بشكل خاص بارتفاع أسعار اللحوم الطازجة أو المبردة بنسبة 1.5%. كما سجلت أسعار قسم المطاعم وخدمات الإقامة ارتفاعاً بنسبة 3%، وذلك بفضل زيادة أسعار خدمات الإقامة بنسبة 4.7%. وتأتي هذه الزيادات في وقت تشهد فيه المملكة حراكاً سياحياً واقتصادياً كبيراً، مما يزيد من الطلب على خدمات الضيافة.

ولم تسلم أسعار قطاع النقل من الارتفاع، حيث زادت بنسبة 1.2%، مدفوعة بزيادة أسعار نقل الركاب بنسبة 5.3%. وعلى الجانب الآخر، شهدت بعض السلع تراجعاً طفيفاً، حيث انخفضت أسعار قسم الأثاث والأجهزة المنزلية والصيانة الدورية للمنازل بنسبة 0.3%، متأثرة بتراجع أسعار الأثاث والمفروشات والسجاد بنسبة 3.3%، لكن هذا التراجع لم يكن كافياً لتعويض الزيادات الكبيرة في القطاعات الأخرى.

 

تحديات اقتصادية جديدة وسط خطط التنمية

على الصعيد الشهري، سجل مؤشر أسعار المستهلكين ارتفاعاً بنسبة 0.1% مقارنة بشهر يوليو 2025، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى استمرار ارتفاع أسعار السكن والمياه والكهرباء والغاز بنسبة 0.4%. ويؤكد هذا الارتفاع الشهري المستمر على أن الضغوط التضخمية ليست مجرد ظاهرة عابرة.

هذا التسارع في معدل التضخم يضع تحدياً جديداً أمام صناع السياسات في المملكة، الذين يركزون على تنفيذ خطة “رؤية 2030” الطموحة. فبينما يُعتبر التضخم المعتدل مؤشراً صحياً على النمو الاقتصادي وارتفاع الطلب، فإن تسارعه يمكن أن يؤثر على استقرار الاقتصاد ويزيد من الأعباء المالية على الأفراد. ويُرجح الخبراء أن هذا الارتفاع في التضخم هو نتيجة طبيعية لمرحلة النمو الاقتصادي المتسارعة التي تمر بها المملكة، والتي تتطلب حذراً في السياسات الاقتصادية لضمان استمرار النمو مع الحفاظ على استقرار الأسعار.

لسماع المقالة صوتيا اضغط هنا