في تقريرها الشهري الصادر اليوم الخميس، أرسلت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) رسالة واضحة إلى الأسواق العالمية مفادها الثقة والاستقرار، حيث أبقت المنظمة على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط المرتفع نسبياً للعام الجاري والعام المقبل دون أي تغيير.
ويعكس هذا الثبات في التوقعات قراءة “أوبك” الإيجابية لمسار الاقتصاد العالمي، وتأكيداً على أن مسيرة تعافي الطلب على الطاقة تسير بخطى ثابتة ومدروسة.
أوبك : نمو اقتصادي مستمر يدعم الطلب
ربطت “أوبك” بشكل مباشر بين توقعاتها المستقرة للطلب على النفط وبين تقديراتها لنمو الاقتصاد العالمي. وأبقت المنظمة على توقعاتها بأن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3% في عام 2025، وأن يرتفع قليلاً إلى 3.1% في عام 2026. وتُعد هذه الأرقام هي الأساس الذي بنى عليه تقرير المنظمة توقعاته لأسواق الطاقة.
وأشار التقرير إلى أن “النمو الاقتصادي العالمي ظل قوياً في النصف الأول من عام 2025، وامتد هذا الاتجاه الإيجابي إلى النصف الثاني من عام 2025”. ويعني هذا الثبات الاقتصادي أن القطاعات الحيوية المستهلكة للنفط، مثل قطاع النقل (البري والجوي) وقطاع الصناعة، ما زالت تعمل بكامل طاقتها، مما يضمن استمرار الطلب على مصادر الطاقة.
أوبك: تفاصيل توقعات الطلب العالمي على النفط
وفقاً لتقرير “أوبك” لشهر سبتمبر، يُتوقع أن ينمو الطلب العالمي على النفط في عام 2025 بمقدار 1.3 مليون برميل يومياً، ليصل إلى إجمالي استهلاك يومي يبلغ 105.14 مليون برميل. وهذا الرقم يعكس استمرار التعافي الاقتصادي العالمي، وتزايد الحاجة إلى الطاقة لتشغيل عجلة الإنتاج والتجارة.
أما بالنسبة لعام 2026، فإن توقعات المنظمة تظهر نمواً أكبر قليلاً، حيث تتوقع أن يرتفع الطلب بمقدار 1.4 مليون برميل يومياً ليصل إلى 106.52 مليون برميل يومياً. وتُعد هذه التوقعات دليلاً على أن المنظمة لا ترى أي عوامل سلبية كبرى قد تؤثر على مسار النمو، بل تتوقع أن يستمر الطلب في الزيادة، مما يمثل مؤشراً إيجابياً للغاية لأسواق الطاقة.
إمدادات “خارج أوبك+” وموازنة السوق
لم يقتصر ثبات التوقعات على جانب الطلب فقط، بل شمل أيضاً جانب الإمدادات من الدول غير الأعضاء في تحالف “أوبك+”. فقد أبقت المنظمة على تقديراتها لنمو إنتاج الهيدروكربونات السائلة من الدول المنتجة الأخرى، حيث توقعت أن ينمو الإنتاج في عام 2025 بمقدار 0.8 مليون برميل يومياً، ليصل إلى 54 مليون برميل يومياً. وفي عام 2026، من المتوقع أن يرتفع الإنتاج بمقدار 0.6 مليون برميل يومياً، ليصل إلى 54.6 مليون برميل يومياً.
وتُعد المقارنة بين أرقام الطلب والإمدادات أمراً بالغ الأهمية. فنمو الطلب (1.3 و1.4 مليون برميل يومياً) يتجاوز نمو الإمدادات من خارج التحالف (0.8 و0.6 مليون برميل يومياً)، مما يعني أن هناك فجوة في السوق تحتاج إلى أن يتم سدها من خلال زيادة إنتاج تحالف “أوبك+”. وهذه الديناميكية تؤكد على الدور المحوري الذي تلعبه “أوبك” وحلفاؤها في موازنة السوق وتلبية الطلب العالمي المتزايد.
وفي الختام، يُرسل تقرير “أوبك” لشهر سبتمبر رسالة اطمئنان إلى الأسواق، مفادها أن التوقعات الأساسية لنمو الطلب العالمي على النفط ثابتة وموثوقة، وأن العوامل الاقتصادية الأساسية التي تدعم هذا النمو ما زالت قوية. ويُعد هذا الثبات عاملاً إيجابياً للشركات المنتجة والبلدان المستهلكة على حد سواء، لأنه يوفر أساساً صلباً لاتخاذ القرارات بشأن الاستثمارات المستقبلية والسياسات الطاقوية.
إقرأ أيضا: أسعار النفط ترتفع بعد قرار “أوبك+” ووسط مخاوف من عقوبات على روسيا
لسماع المقالة صوتيا اضغط هنا